بعد 6 سنوات:ما الذي بقي من ثورة 14 جانفي ؟
اعتبر رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية الهذيلي عبد الرحمان الهذيلي في ميدي شو الجمعة 13 جانفي 2017 الذي خصص للذكرى السادسة لثورة 14 جانفي أن البناء في مستوى المؤسسات الدستورية قد شهد تقدما رغم التعثر الذي شهده هذا المسار إلا أن الملف الاقتصادي والاجتماعي لم يحرز تقدما ملحوظا.
وأوضح ضيف ميدي ش وان المناطق المهمشة ظلت على حالها إضافة إلى الانحدار الاجتماعي لعائلات شهداء وجرحى الثورة مبينا في الوقت نفسه بأن الفئات الاجتماعية غير المؤطرة في هياكل نقابية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل لم يتحقق لها شئ .
وأبرز رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن الاحتجاجات التي تشهدها بلادنا في مناطق مختلفة ليس تذكيرا بالمطالب التي نادت بها ثورة 14 جانفي مؤكدا أن مختلف التحركات الاحتجاجية والاعتصامات قد انطلقت منذ مدة إلا أن الحكومة لم تنتبه إليها.
وصرّح الهذيلي بأن القيادات التي أفرزتها هذه التحركات قد أصدرت في سبتمبر 2016 بيانا طالبت من خلاله بالتفاوض الجدي مع الحكومة وأعلنت عن جملة من التحركات الاجتماعية السلمية ابتداء من يوم 3 جانفي في صورة تجاهل مطالبهم ما يفسر حالة الاحتقان التي تعيشها بعض مناطق البلاد.وشدد في هذا الإطار على أن هذه القيادات قد أدانت التحركات غير السلمية وعمليات الحرق .
كما أكّد رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن قيادات هذه التحركات أحسن من الذين يحضرون في البلاتوات الإعلامية خصوصا وأن لهم قدر من المسؤولية ومن الدراية بالواقع ما يؤهلهم للدخول في مفاوضات جدية مع مسؤولين من الحكومة مشددا على أنه عندما يتم تجاهلهم يتحول الأمر إلى احتقان.
وأوضح عبد الرحمان الهذيلي أن الحكومة تعتقد بأن تحقق السلم الاجتماعي في تونس يتم من خلال الوصول إلى اتفاق مع اتحاد الشغل إلا أن هذا الأمر مخطئ في ظل عدم التعاطي مع هذه الفئات الاجتماعية غير المهيكلة.
وشدد الهذيلي على ضرورة الإسراع بفتح تفاوض جد مع ممثلي التحركات الاجتماعية حتى لا يتطور الأمر إلى مزيد من الاحتقان.
حمادي جاب الله:العائق هو الإسلام السياسي
الأستاذ الجامعي حمادي بن جاب الله شدد على ضرورة التمييز بين الزمن الفردي في حياة الفرد والزمن الاجتماعي الذي له امتداد أخر معتبرا أننا تسرعنا وطالبنا بالكثير من ثورة 14 جانفي.وأكد أنه في تاريخ تونس كله لم تقع ثورة على النحو الذي وقع خصوصا وأنها ثورة ذات مطالب جدية وستؤول إلى ثورة عارمة في الحضارة العربية الإسلامية على حد تعبيره.
وأوضح أنها ثورة تطالب بالشغل أي بمنوال جديد للتنمية وبالحرية وبالتالي بنظام اجتماعي وسياسي يقوم على مبدأ الحرية وتطالب بالكرامة أي بالكرامة الوطنية إلا أنها جوبهت بعائق يتمثل في الإسلام السياسي الذي أضر بها عندما تحولت هذه المطالب إلى البحث عن الهوية.
وشدد في هذا الإطار على أن الإسلام السياسي لا بد له أن يتتونس عوض أن يذهب بنا إلى هويات هلامية ووهمية ضررها أكثر من نفعها.
وفي سياق متصل أوضح الأستاذ الجامع حمادي بن جاب الله أن ما تعيشه تونس هو تفتيت للنظام السياسي بعد أن تم توزيع السلطة بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية والبرلمان معتبرا أن العجز هو القاسم المشترك بين ممثلي هذه السلطة السياسية .
وعبر عن خشيته أن تمر تونس من نظام دكتاتوري إلى نظام دكتاتوري ظلامي سمته الخراب تام محذرا أن تسير تونس في هذه الطريق المضادة للطريق الذي اختارته الثورة المتمثل في الشغل والحرية والكرامة الوطنية.
وأوضح ضيف ميدي شو أن الصعوبة تكمن في أن الشعب لم يعد يثق في رجال السياسية مشددا على أننا نعيش أزمة أخلاقية أفسدت الثقة في السياسة .وبين أن تونس في مواجهة الخطر المحدق أمانة في يد الجيش التونسي والمجتمع المدني بقيادة اتحاد الشغل.
وشدد على ضرورة أن تسترجع الدولة سلطتها كاملة وتطبق القوانين الجاري بها العمل بكل جدية ومسؤولية.
الجويلي: ''لدينا ثورة ولكن للأسف ليس لدينا بيداغوجيا للثورة''
واعتبر المدير العام للمرصد الوطني للشباب محمد الجويلي أن المشكل الأساسي في التعاطي مع الثورة أننا أمام أزمنة فردية ونتعامل مع الأشياء بطريقة عاطفية ورأس مال عاطفي مبرزا في الوقت نفسه أن العلاقات الدولية تدار كذلك بهذا الوعي العاطفي.
وأوضح الجويلي أن هذا الأمر يجعلنا نتعامل تعاملا أخرا مع المشكلات الاجتماعية مغاير للتعامل الذي كان سائدا في السابق عندما كان الحزب هو 'الحكم' في علاقة الشعب بالدولة إلا أننا اليوم أصبح لدينا مشكل يتمثل في تعدد الحكام ولم نعد نعرف من يحكم مما جهل المشهد في علاقة الدولة بالمجتمع والشباب .وقال في هذا الصدد '' لدينا ثورة ولكن للأسف ليس لدينا بيداغوجيا للثورة''.
ووصف الجويلي المشهد الحالي بثلاث كلمات مفتاحية تتكون من ثلاثة أحرف هي 'سلفي' أي الفرد في تعامله مع صورته و'السلفة' أي الاقتراض و'السلفي' أي الشريحة الاجتماعية المتشددة دينيا.
وأوضح أن الخطيئة تتمثل في انتقالنا من شكل سريع من تغوّل الدولة على المجتمع إلى تغوّل المجتمع على الدولة ولم نستطع خلق التوازن مؤكدا أن الأمر يتطلب الكثير من الوطنية لخلق هذا التوازن.
لطفي عيسى:ضرورة تركيز الديمقراطية المحلية
لطفي عيسى المؤرخ المختص في التاريخ الثقافي أوضح أن كل المواضيع تمحورت حول الفرد وأن الساحة العمومية التونسية تغيرت إلا أن التصرف في التمثّلات والتعامل معها لم يتغيرمنتقدا في الوقت نفه التعامل مع مصطلح الحرية في تونس التي فهمت أنها التصرف بلا مدنية وبلا عقاب.
وبخصوص مسألة الكرامة في بلادنا قال عيسى إن كل المشاريع الجيدة في العالم أصبحت تقوم على ركيزة تسمى عتبة الكرامة التي تتطلب وجود ديمقراطية محلية الأمر الذي لم يقع تركيزه إلى حد الآن في تونس.وشدد على أن الإحساس بالغبن يندثر في ظل وجود هذه الديمقراطية.
